أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عبد الحسين شعبان - غزة والحرب الأكاديمية














المزيد.....

غزة والحرب الأكاديمية


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 7964 - 2024 / 5 / 1 - 12:58
المحور: حقوق الانسان
    


مرّت قبل أيام الذكرى اﻟ 76 لتأسيس أول اتحاد طلابي عراقي، والذي انبثق في ساحة السباع ببغداد في 14 نيسان / أبريل 1948، يوم التهب الشارع الطلابي والوطني مرددًا قصيدة الشاعر الكبير الجواهري "أخي جعفر"، والتي يقول في مطلعها:
أَتعلَمُ أمْ أنتَ لا تَعلمُ ... بأنَّ جِراحَ الضَّحايا فمُ
وحينها كانت الحركة الطلابية العراقية والعربية تمثّل رأس حربة أحيانًا في المواجهة وفي إشعال فتيل التظاهرات والاحتجاجات، في إطار الحركة الوطنية، ولاسيّما دورها المتميّز في نصرة الشعب العربي الفلسطيني وقضيته العادلة على مدى التاريخ المعاصر، وخصوصًا ما حصل بعد العدوان الثلاثي الإنكلو - فرنسي "الإسرائيلي" على مصر في العام 1956 وعدوان 5 حزيران / يونيو 1967 على الأمة العربية من جانب "إسرائيل".
وإذا كانت الحركة الطلابية العالمية شهدت مواجهات مفتوحة رفضًا للنظامين الرأسمالي الاستغلالي والاشتراكي البيروقراطي في العام 1968، وخصوصًا ما سمي ﺑ "ربيع باريس وربيع براغ"، فإنها امتدّت إلى عدد من البلدان الغربية والعديد من دول أمريكا اللاتينية، علمًا بأن الحركة الاحتجاجية كانت تمور في عدد من البلدان العربية، حيث شهد العراق في أواخر العام 1967 ومطلع العام 1968 إضرابات طلابية عارمة تحت عناوين مهنية ومطالب وطنية وقومية عامة، كما شهدت مصر حراكًا طلابيًا واسعًا في شباط / فبراير العام 1968، لم تكن القضية الفلسطينية بعيدة عنه.
وللأسف فإن التحرّك الطلابي في العالم العربي بعد العدوان "الإسرائيلي" على غزّة هو دون المستوى المطلوب، بل لم يشكّل حالة نضالية إيجابية ناهضة، قياسًا بما يوازيها في الجامعات الغربية الأمريكية والأوروبية، على الرغم من محاولات الكبح والتضييق التي تعرّضت لها الأخيرة، حيث تعرّض رؤساء جامعات هارفارد و بنسلفانيا ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا إلى المساءلة أمام الكونغرس، وهو ما دعا عدد من رؤساء الجامعات للاستقالة وإعفاء آخرين من مناصبهم، خصوصًا بعد استدعاء رئيسة جامعة كولومبيا للشرطة لفضّ الاعتصام الطلابي، وجرت احتجاجات وتظاهرات واعتقالات في 62 جامعة ومعهد تضامنًا مع فلسطين، والأمر سار على هذا النحو في بريطانيا وسويسرا وفرنسا وألمانيا وغيرها، على الرغم من القمع الممنهج.
ولعلّ مثل هذا الإجراء غير المسبوق طرح عددًا من التساؤلات المشروعة حول جوهر الديمقراطية الأمريكية وروحها، ودور مؤسسات التعليم في بعدها الأخلاقي، وعلاقة ذلك بالمصالح السياسية على حساب القيم الفلسفية والإنسانية، خصوصًا فيما يتعلّق بحريّة التعبير، ومدى المسموح والمحظور به في الجامعات، إضافة إلى تساؤلات حول استقلالية التعليم العالي وتمويلاته. وكانت 13 جامعة أمريكية قد أنشأت في أيلول / سبتمبر 2023، وقبل حرب "إسرائيل" على غزّة، مجموعة للدفاع عن حريّة التعبير بوجه ما اعتُبر تهديدًا للديمقراطية الأمريكية.
وكانت مؤسسة "فاير" للحقوق الفردية وحريّة التعبير FIRE: Foundation for Individual rights and Expression، قد اعتبرت أن الحريّة الفكرية لا يمكن أن تسير كما يجب إذا كان الطلبة وأعضاء هيئة التدريس يخشون من العقاب بسبب التعبير عن آرائهم. وقبل سنوات هدّد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الجامعات بحرمانها من التمويلات البحثية الفيدرالية، في حال لم تحافظ على "حريّة التعبير" في الحرم الجامعي. ومثل هذا الرأي هو سلاح ذو حدين، خصوصًا لمحاولات توظيفه واستخدامه، وهو ما ظهر على نحو صارخ في إشكاليات ومشكلات تتعلّق بالموقف من عدوان "إسرائيل" على غزّة، الأمر الذي يصيب بالصميم القيم والمبادئ التي تقوم عليها العملية التعليمية الأمريكية تاريخيًا، بل إنه يهدّد بتصدّعها.
وكانت بعض الأوساط الأكاديمية المؤيدة للعرب، تردّد أن "فلسطين" مستثناة من "الحق في التعبير"، مشيرة بإصبع الاتهام إلى الانحيازات المسبقة لصالح "إسرائيل"، ولاسيّما بإلصاق تهمة معاداة السامية ودعم الإرهاب بمن ينتصر لغزّة، حيث تردّد أن ثمة قوائم سوداء يتم إعدادها ضدّ الأساتذة الذين ينتقدون "إسرائيل"، حيث تعرّض بعض المؤيدين لفلسطين إلى ضغوط كبيرة وممارسات قمعية وصلت إلى تهديد بعضهم في مكاتبهم واعتقال بعضهم، كما حصل للروائي سنان أنطوان، وذلك منذ عملية "طوفان الأقصى" 7 أكتوبر / تشرين الأول 2023، وهي ممارسات أصبحت منهجية ومتعمدة.
لقد أشعل العدوان على غزّة حربًا أكاديمية، ففي البداية توجّه الجزء المهيمن من الرأي العام الغربي المؤيد "لإسرائيل" إلى التنديد بعملية "طوفان الأقصى"، التي قامت بها حركة المقاومة، لكن تصاعد وتيرة عمليات الإبادة الجماعية ضدّ المدنيين الفلسطينيين وصدور قرار محكمة العدل الدولية في لاهاي في 26 كانون الثاني / يناير 2024 ، أحدث انعطافًا كبيرًا في الرأي العام الغربي وتوجهاته، بما فيه لدى بعض اليهود الشباب، وهو ما انعكس في تحركات وأنشطة تندد بالعدوان "الإسرائيلي" وتدعم فلسطين بصورة غير معهودة.
وبعض النظر عن مآلات الصراع ونتائجه في غزّة، فإن الوضع الأكاديمي في الجامعات الغربية لن يعود إلى سابق عهده ، بل أن ثمة تحوّلًا نوعيًا إزاء القضية الفلسطينية قد أصبح واقعًا، ولم يعد مقتصرًا على الطلبة العرب، الذين يدرسون في الجامعات الغربية، بل تخطاه إلى شرائح واسعة من الطلبة الغربيين وغيرهم.
ولعلّ ذلك قد يؤدي إلى تغييرات مستقبلية ببروز قيادات مختلفة عن سابقاتها، التي كانت مؤيدة "لإسرائيل" بصورة تقليدية وعمياء. وقد تنشأ جماعات ضغط جديدة عربية تكون موازية لجماعات الضغط "الإسرائيلية"، وهو الأمر الذي يحتاج إلى دعم عربي شامل، لاسيما من جانب الحكومات العربية، فقد أطاحت غزّة بالشعارات الرنانة، ووضعت الجميع أمام استحقاقات جديدة ذات أبعاد إنسانية، بما فيها إعادة النظر بالديمقراطيات الغربية ذاتها، والتي يطلق عليها المفكر الأمريكي نعوم تشومسكي "الديمقراطيات المنقوصة".



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن ظاهرة الترامبية
- القضية الفلسطينية أنبل وأعدل قضية بالكون
- وريقات من دفتر ذاكرة غير مدوّنة: كوكب حمزه قدّاح وشموع وعصاف ...
- تولستوي... والنبي محمد
- الذاكرة وثقافة الاعتذار
- -11 سبتمبر- الروسية
- لا تقولوا وداعًا، بل سلامًا للشيوعي الأرستقراطي نوري عبد الر ...
- شركاءالوطن.. ومشاركون في اتخاذ القرار
- عبد الحسين شعبان مفكر يجاهد من أجل الحرية
- الموصل والأمن السيبراني
- ثلاثية التنمية
- كلمة حق في المفكر الريادي الثوري عبد الحسين شعبان
- كلمة الشاعرة والإعلامية الدكتورة نوال الحوار في تكريم الدكتو ...
- كلمة د. أوغاريت يونان في ندوة تكريمية للدكتور عبد الحسين شعب ...
- المفكر شعبان يحلق عالياً فوق زمن فلسطين والثقافة العربية
- الموصل: ذاكرة وأسئلة وأمل
- شهادة الأستاذ سعد الله مزرعاني في تكريم د. عبد الحسين شعبان
- عبدُ الحُسَين شعبان... حربُ الوثائق في تعريةِ الاحتلال الصّه ...
- معاً يا رفيق لا نضلّ الطريق
- رهان بوتين


المزيد.....




- شهداء بقصف للقطاع و4 اصابات بقلقيلية واعتقال شاب في الخليل
- الأمم المتحدة: شعب السودان -عالق في جحيم- من العنف
- اللاجئون الفلسطينيون يحيون ذكرى النكبة
- الأمم المتحدة تحذر من أن الشعب السوداني -عالق في جحيم- بعد ع ...
- إسماعيل هنية: أعددنا ملفا عن الاعتداءات على الأسرى.. ونثمن ا ...
- السعودية..الداخلية تصدر بيانا بشأن إعدام أجنبي قتل مواطنا مص ...
- اعتقال وطرد طلبة أمريكيين داعمين لغزة.. أكذوبة حرية التعبير ...
- إسرائيل ترفض توصية الجمعية العامة للأمم المتحدة بإعطاء مزيد ...
- المجر ستصوت ضد قرار الأمم المتحدة المتعلق بإحياء ذكرى -الإبا ...
- اللاجئون الفلسطينيون في لبنان: العودة ردنا على النكبة


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عبد الحسين شعبان - غزة والحرب الأكاديمية